كلمة موجزة حول نشأة المذهب المالكي
بسم الله الرحمن الرحيم مَرَّ الفقه الإسلامي -بمذاهبه الأربعة- بعصـور زاخرة ساهمت بمجموعها بإنضاجه حتى اقتطفت ثماره الزكية في عصور الاستقرار المذهبي. ومن تلك المذاهب الإسلامية الأربعة مذهب الإمام مالك إمام دار الهجرة الذي بزغ نجمه في المدينة المنورة مهجر سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وفيها قُبِضَتْ روحه الشريفة الطاهرة، فكانت الأحكام التي توارثها الصحابة الأجلاء -رضي الله عنهم- ممن قُبِضَ النبي -صلى الله عليه وسلم- بين ظهرانيهم هي التي شكلت اللبنة الأولى لفقه أهل الحجاز، والذي كان يُطلق على الإقليم الممتد من المدينة المنورة إلى ما بعد مكة المكرمة وما جاورهما من البُليدات الصغيرة. إلا أن المدينة المنورة حصلت على الحظ الأكبر من فقه أهل الحجاز، ففيها ترعرع وعلى يدها بلغ أشده ثم نضج، لا سيَّما بعد تولي أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- زمام الخلافة الإسلامية، فضبط الأحكام الفقهية ورتبها وهذبها وفق ما اتفق عليه كبار فقهاء الصحابة الكرام في وقته، وأبعد الأحكام الشاذة والتي لم تشتهر كاشتهار غيرها. ثم توارث الأحكام الفقهية طبقة التابعين وتابعي التابع...